فصل: قال السمرقندي في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فجاءت العم والخال هنا بصيغة الجمع، لماذا؟ قالوا: لأن الحديث هنا عن البيوت التي يُبَاح لك أنْ تأكل منها، وجاءت بيوت بصيغة الجمع، والعم له بيت واحد، فما دام قال بيوت فلابد أنْ تأتي أعمامكم وأخوالكم بصيغة الجمع.
ثم يقول تعالى: {وامرأة مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} [الأحزاب: 50] الوَهْب: انتقال ملكية بلا مقابل، نقول: فلان وهبك كذا يعني: أعطاه لك بلا مقابل، ليس بيعًا وليس بدلًا مثلًا.
لذلك لما نزلت هذه الآية قالت السيدة عائشة: أتعجبُ لامرأة تبتذل نفسها، وتعطي نفسها لرجل هكذا مجانًا بلا مقابل، فنزل النص {وامرأة مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} [الأحزاب: 50] عندها قالت السيدة عائشة لسيدنا رسول الله: يا رسول الله، أرى الله يسارع إلى هواك، فقال لها صلى الله عليه وسلم: «وأنت يا عائشة، لو اتقيتِ الله لسارع في هواك».
والمعنى: أن الله يسارع في هواي، لأنني سارعتُ في هواه، طلب مني فأدَّيْتُ؛ لذلك يُلبي لي ما أريد من قبل أنْ أطلب منه.
وقال: {وامرأة مُّؤْمِنَةً} [الأحزاب: 50] لأن الهبة هنا خاصة بالمؤمنة، فإنْ كانت كتابية لا يصح أن تهبَ نفسها للنبي، لكن أتحل له المرأة بمجرد أن تهب نفسها له؟ قالوا: لا، إنما لابد من القبول، فإنْ قالت المرأة لرسول الله: أنا وهبتُ نفسي لك لابد أنْ يقبل هو هذه الهبة؛ لذلك علَّق على هذه المسألة بقوله: {إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النبي أَن يَسْتَنكِحَهَا} [الأحزاب: 50] لأن المسألة مبنية على إيجاب وقبول.
وللعلماء كلام في هذه المسألة، فبعضهم قال: لم يأخذ رسول الله امرأة بهبة أبدًا، وقال آخرون: بل عنده أربع موهوبات هُنَّ: ميمونة بنت الحارث الهلالية، وزينب بنت خزيمة أم المساكين، وأم شريك بنت جابر، وخولة بنت حكيم.
وليس في هذا التعارض فزورة، فمن السهل أنْ نجمع بين هذين القولْين؛ لأن الله تعالى قال: {وامرأة مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النبي أَن يَسْتَنكِحَهَا} [الأحزاب: 50] فربما وهبَتْ نفسها للنبي، لكنه لم يُرِد، أو وهبتْ نفسها للنبي، فأراد أنْ يكرمها، وأنْ يجعل لها مهرًا ويتزوجها.
وكلمة {يَسْتَنكِحَهَا} [الأحزاب: 50] مثل ينكحها، فهما بمعنىً واحد، مثل: عَجِل واستعجل.
ومعنى {خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ المؤمنين} [الأحزاب: 50] أن الله تعالى خَصَّ رسوله بأشياء ميَّزة بها؛ لأن مهمته صلى الله عليه وسلم ليستْ مع نفسه هو، إنما مهمته مع الناس جميعًا، وليس للناس المعاصرين له فحسب، إنما جميع الناس حتى قيام الساعة.
إذن: فمشغولياته صلى الله عليه وسلم كثيرة كبيرة، كما قال سبحانه: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [المزمل: 5].
لذلك أراد الحق سبحانه ألاَّ يشغله شيء عن مهمته هذه، وأراد أنْ يتوفر رسول الله لأداء هذه المهمة التي هو بصددها، بحيث إذا ما عشق عملية البلاغ عن الله واندمج فيها ومعها تموت في نفسه كلُّ الأهواء، ولا يبقى إلا انشغاله بمهمة الدعوة.
بدليل أن الوحي في أوله كان يجهد سيدنا رسول الله، وكان جبينه يتفصَّد عرقًا، ويذهب إلى أهله فربما يقول: زَمِّلوني زمِّلوني، ودثِّروني دثِّروني، ثم شاء الله تعالى أنْ يرفع عنه هذه المعاناة، وأنْ يريحه مما أنقض ظهره وأتعبه، ففتر الوحي فترة عن رسول الله حتى استراحتْ أعصابه، وهدأتْ طاقته، وبقيت معه حلاوة ما أوحي إليه هذه الحلاوة التي جعلتْ سيدنا رسول الله يتشوَّق للوحي من جديد، وشوقك إلى الشيء يُنسِيك التعب في سبيله.
وفي ذلك قوله تعالى: {والضحى والليل إِذَا سجى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قلى وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأولى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فترضى} [الضحى: 1-5].
وعجيبٌ أن يقول المشركون عند انقطاع الوحي: إن ربَّ محمد قلاه، ففي الجفوة عرفوا أن لمحمد ربًا يجفوه، أما حين الخلوة والجَلْوة قالوا: مُفْترٍ وكذَّاب وشاعر.. إلخ.
ومعنى {وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأولى} [الضحى: 4] يعني: ستكون عودة الوحي خيرًا لك من بدايته؛ لأنه جاءك أولًا فوق طاقتك فأجهدك، أما في الأخرى فسوف تستدعيه أنت بنفسك وتنتظره على شوق إليه، فطاقتك هذه المرأة مستعدة لاستقباله، قادرة على تحمُّله دون تعب أو إجهاد.
إذن: فالحق سبحانه جعل لرسوله ما يُيسِّر له أمر الاندماج في المستقبل، لذلك لما عاوده الوحي لم يتفصَّد جبينه عرقًا، ولا أُجهد كالمرة الأولى، لأن طاقة الشوق عنده وطاقة الحب تغلبتا على هذا التعب وهذا الاجتهاد.
ثم يقول سبحانه: {قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ في أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [الأحزاب: 50] أي: من العدد الذي حُدِّد بأربعة، ومن المهر الذي سُمِّي ساعة العقد، والمراد أن لكلٍّ حكمه وقانونه، فلكَ يا محمد حكم يناسبك، ولأمتك حكم.
وبمناسبة ما نحن بصدده من الحديث عن أحكام الزواج والتعدد يجدر بنا أن نشير إلى الضجة التي يثيرها أعداء الإسلام بسبب مسألة تعدد الزوجات، مع أن التعدد في مصر لم يصل إلى حَدِّ الظاهرة، وليس وباءً كما يُصوِّره البعض.
فالذين أحصوا هذه المسألة وجدوا أن الذين عدَّدوا بزوجتين ثلاثة بالمائة، والذين عددوا بثلاث واحد في الألف، والذين عدَّدوا بأربع نصف في الألف، فلماذا إذن إثارة الناس ضد ما شرع الله، ثم ألم يمتصّ التعدد فائضًا من النساء؟
وتأتي الزوجة تشتكي: بعد أنْ عِشْتُ معه كذا وكذا، وخدمته كذا وكذا يتزوج عليَّ؟ فأقول لها: أضَرَّك أنتِ؟ تقول: نعم، أقول: لكنه نفع أخرى، فواحدة بواحدة، ولماذا ننظر إلى المتزوجة، ونغفل التي لم تتزوج، أليس من حقِّها هي الأخرى أن تتزوج؟
ثم إن المرأة التي قبلَتْ أن تكون الثانية ما قبلت إلا لأنها لم تستطع أنْ تكون الأولى، وكذلك الثالثة ما قبلتْ، إلا لأنها لم تستطع أن تكون الثانية. إلخ.
ثم نقول لهؤلاء: أألزمك ربك أنْ تعدد؟ هذه مسألة أباحها الشارع لحكمة، ولم يلزمك بها، فإنْ كان التعدد لا يعجبك فاكتفِ بواحدة.
والذين أثاروا الضجة في تعدُّد الزوجات أثاروا أكثر منك في مسألة مِلْك اليمين في الإسلام، وراحوا يتهمون الإسلام والمسلمين: كيف يجمَع الرجل فوق زوجاته كذا وكذا من ملْك اليمين؟
ومعلوم أن مِلْك اليمين كان موجودًا قبل الإسلام، وظل موجودًا حتى دعا القانون الدولي العام إلى منع ظاهرة العبودية، ودعا إلى تحرير العبيد، فسرَّح الناس ما عندهم من العبيد، وكان منهم مَنْ يشتري العبيد من أصحابهم ثم يُطلِق سراحهم.
ومن هؤلاء العبيد مَنْ كان يعود إلى صاحبه وسيده مرة أخرى يريد العيش في كنفه وفي عبوديته مرة أخرى؛ لأنه ارتاح في ظل هذه العبودية، وعاش في حمايتها، وكان بعضهم يفخر بعبوديته ولا يسترها فيقول: أنا عتيق آل فلان.
والمنصف يجد أن مِلْك اليمين في الإسلام ليست سُبَّة فيه، إنما مفخرة للإسلام؛ لأن مِلْك اليمين وسيلته في الإسلام واحدة، هي الحرب المشروعة، فالإسلام ما جاء لينشيء رِقًا، إنما جاء لينشيء عتقًا.
الإسلام جاء والرق موجود، وكان العبيد يُباعون مع الأرض التي يعملون بها، ولا سبيل للحرية غير إرادة السيد في عِتْق عبده، في حين كانت منابع الرقِّ كثيرة متعددة، فكان المدين الذي لا يقدر على سداد دَيْنه يبيع نفسه أو ولده لسداد هذا الدين، وكان اللصوص وقُطَّاع الطرق يسرقون الأحرار، ويبيعونهم في سوق العبيد.. إلخ.
فلما جاء الإسلام حرَّم كل هذه الوسائل ومنعها، ولم يُبْقِ إلا منبعًا واحدًا هو السَّبْي في حرب مشروعة، وحتى في الحرب ليس من الضروري أن ينتج عنها رِقٌّ؛ لأن هناك تبادلَ أسري، ومعاملة بالمثل، وهذا التبادل يتم على أقدار الناس، فالقائد أو الفيلسوف أو العالم الكبير لا يُفتدى بواحد من العامة، إنما بعدد يناسب قدره ومكانته، واقرأ في ذلك قوله تعالى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حتى تَضَعَ الحرب أَوْزَارَهَا} [محمد: 4].
لأن الحرب ما شُرِعَتْ في الإسلام ليُرغم الناسُ على الدين، لكن ليُحمي اختيارهم للدين، بدليل أن البلاد التي دخلها الفتح الإسلامي بقي فيها كثير من الناس على كفرهم، ثم ألزمهم دفع الجزية مقابل الزكاة التي يدفعها المسلم، ومقابل الخدمات التي تؤديها إليه الدولة.
ثم تأمل كيف يعامل الإسلام الأسري، وعلى المجتمع الظالم الذي ينتقد الإسلام في هذه الجزئية أن يعلم أن الذي أَسرْتَه في المعركة قد قدرْتَ عليه، وتمكَّنْتَ منه، وإنْ شئت قتلتَهُ، فحين يتدخَّل الشرع هنا ويجعل الأسير مِلْكًا لك، فإنما يقصد من ذلك حَقْن دمه أولًا، ثم الانتفاع به ثانية، إما بالمال حين يدفع أهله فديته، وإما بأنْ يخدمك بنفسه.
إذن: المقارنة هنا ليستْ بين رِقٍّ وحرية كما يظن البعض، إنما هي بين رِقٍّ وقتل.
إذن: مشروعية الرق في أسرى الحرب إنما جاءتْ لتحقِنَ دم المأسور، وتعطي الفرصة للانتفاع به، فإذا لم يتم الفداء ولا تبادل أسرى وظَلَّ أسيرك بيدك، فاعلم أن له أحكامًا لا يصح تجاوزها، فهو شريكك في الإنسانية المخلوقة لله تعالى، وما أباح الله لك أنْ تأسره، وأن تملكه إلا لكي تَحْقِنَ دمه، لا أن تُذِلَّهُ.
واقرأ قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إخوانكم خَولَكُم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمَنْ كان أخوه عنده فليُطْعمه مما يطعم، وليُلبِسْه مما يلبس، ولا يُكلِّفه ما لا يطيق، فإن كَلَّفه فَلْيُعِنه».
فأيُّ إكرام للأسير بعد هذا، بعد أنْ حقن دمه أولًا، ثم كرَّمه بأنْ جعله أخًا لك، واحترم آدميته بالمعاملة الطيبة، ثم فتح له عدة منافذ تؤدي إلى عِتْقه وحريته، فإنْ كان للرقِّ في الإسلام باب واحد، فللحرية عدة أبواب، منها العتق في الكفارات وهي في تكفير الذنوب التي بين العبد وربه.
فإذا لم تكُنْ هناك ذنوب فقد رغَّبَنا الشرع في عِتْق الرقاب لاجتياز العقبة كما في قوله تعالى: {فَلاَ اقتحم العقبة وَمَآ أَدْرَاكَ مَا العقبة فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: 11-13].
هذا إنْ كان الأسير رجلًا، فإنْ كان امرأة، ففيها نفس التفصيل السابق، وتُعامَل نفس المعاملة الطيبة يزيد على ذلك أن للأَمَة- وهي في بيت سيدها- وضعها خاصًا، فهي ترى سيدتها تتمتع بزوجها، وترى البنت تتزوج، فيأخذها زوجها إلى بيت الزوجية، إلى آخر مثل هذه الأمور، وهي تقف موقف المتفرج، وربما أخذتها الغيرة من مثل هذه المسائل، فيكرمها الله حين يُحلّها لسيدها، فيكون لها ما لسيدتها الحرة، فإذا ما أنجبتْ لسيدها ولدًا صارت حُرَّة به، وهذا منفذ آخر من منافذ القضاء على الرق.
وقوله تعالى: {لِكَيْلاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ} [الأحزاب: 50] هذه هي الهبة الخالصة للنبي صلى الله عليه وسلم دون أمته، كأن الله يقول لنبيه: لا نريد أنْ نُحمِّلك ضيقًا في أيِّ شيء لتفرغ أنت لمهمتك الصعبة.
{وَكَانَ الله غَفُورًا رَّحِيمًا} [الأحزاب: 50]. اهـ.

.قال السمرقندي في الآيات السابقة:

{وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ للَّهِ وَرَسُولِهِ} أي: تطع منكن الله ورسوله {وَتَعْمَلْ صالحا} يعني: تعمل بالطاعات فيما بينها وبين ربّها {نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} يعني: ثوابها ضعفين {وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا} يعني: ثوابًا حسنًا في الجنة.
قرأ حمزة والكسائي: {وَيَعْمَلْ صالحا} بالياء.
وقرأ الباقون بالتاء.
فمن قرأ بالياء فللفظ مَنْ لأن لفظها لفظ واحد مذكر.
كما اتفقوا في قوله: {وَمَن يَقْنُتْ}.
ومن قرأ بالياء ذهب إلى المعنى، وصار منكن فاصلًا بين الفعلين.
وقرأ حمزة والكسائي {يؤتها} بالياء يعني: يؤتها الله.
وقرأ الباقون بالنون على معنى الإضافة إلى نفسه.
ثم قال عز وجل: {كَرِيمًا يانساء النبى لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مّنَ النساء} يعني: لستنّ كسائر النساء.
فقال: لستن كأحد.
ولم يقل: كواحد.
لأن لفظ الأحد يصلح للواحد والجماعة، وأما لفظ الواحد لا يصلح إلا للواحد.
ثم قال عز وجل: {إِنِ اتقيتن} يعني: إن اتقيتن المعصية وأطعتن الله ورسوله {فَلاَ تَخْضَعْنَ بالقول} يعني: لا تلنَّ بالقول.
ويقال: {لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مّنَ النساء إِنِ اتقيتن} فأنتن أحق الناس بالتقوى وتم الكلام.
ثم قال: {فَلاَ تَخْضَعْنَ بالقول} يعني: لا ترفقن بالقول وهو اللين من الكلام.
ومعلوم أن الرجل إذا أتى باب إنسان والرجل غائب، فلا يجوز للمرأة أن تلين القول معه.
ثم قال: {فَيَطْمَعَ الذي في قَلْبِهِ مَرَضٌ} يعني: فجور.
وقال عكرمة هو شهوة الزنى.
ويقال: الميل إلى المعصية {وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا} يعني: صحيحًا جميلًا.
ويقال: قولًا حسنًا يعني: لينًا.
ويقال: لا يقلن باللين فيفتن، ولا بالخشن فتؤذين {وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا} بين ذلك.
قال عز وجل: {وَقَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ} قرأ نافع وعاصم {وَقَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ} بالنصب.
والباقون: بالكسر.
فمن قرأ بالكسر فمعناه: اسكن في بيوتكنَّ بالوقار.
وهو من وقر يقر وقارًا.
ويقال: هو من التقرير.
ويقال: قر يقر وأصلهُ قررن.
ولكن المضاعف يراد به التخفيف.
فحذف إحدى الراءين للتخفيف.
فلما طرحوا إحدى الراءين، استثقلوا الألف ولم تكن أصلية، وإنما دخلت للوصل.
فحذفت الألف.
ومن قرأ: {وَقَرْنَ} بنصب القاف لا يكون إلا للتقرير.
ثم قال: {وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجاهلية الاولى} يعني: لا تتزين كتزين الجاهلية الأولى.
والتبرج إظهار الزينة.
ويقال: التبرج: الخروج من المنزل.
و{الجاهلية الاولى} قال الكلبي: يعني: الأزمنة التي ولد فيها إبراهيم عليه السلام.
فكانت المرأة من أهل ذلك الزمان تتخذ الدروع من اللؤلؤ، ثم تمشي وسط الطريق.
وكان ذلك في زمن النمرود الجبار.
وروي عن الحكم بن عيينة قال: {الجاهلية الاولى} كانت بين نوح وآدم عليهما السلام.